Saturday, June 9, 2018

ماذا تعرف عن السعادة؟ الجزء الثاني

باسم الله.

نكمل الحديث عن السعادة، في ظل زمن ارتفعت فيه معدلات الإكتآب، وعدم الرضا وزادت نسب وصف مضادات الإكتآب عشرات الضعف عن السابق (طبعا هناك أسباب كثيرة أدت إلى ارتفاع نسب وصف هذه الأدوية وليس فقط ارتفاع نسب الإكتآب بحد ذاته). 
سُئل الناس عن الأشياء التي ستحقق لهم السعادة فكانت الأجوبة معظمها تصب في إحدى هذه الأمور: وظيفة جيدة، معاش مرتفع، درجات ممتازة، أن يكونوا في علاقة عاطفية ناجحة أو زواج ناجح. ولكن هل فعلا هذه الأمور تحقق السعادة التي نرجوها؟ لنرى..

بالنسبة للوظيفة ، في سنة ١٩٩٨ أقيمت دراسة ليروا تأثير فقدان الوظيفة المثالية، فقاموا بسؤال الناس عن مدى الهبوط في مستوى سعادتهم إذا فقدوا الوظيفة الحلم، وفي الحقيقة كانت النتائج ليست بالهبوط المتوقع والمؤثر جدا على مستوى السعادة. طبعا الدراسة قد لا تعكس ردة فعل كل الناس، ولكن يمكن استشفاف أن فقدان وظيفة ليس بالأمر السيء كما نتوقع. ثم تطرقوا إلى سؤال الناس عن المعاش المثالي، وخاصة من مواصفات الوظيفة المثالية هو المعاش المرتفع، فوجدوا أن أصحاب معاش الثلاثين ألف، تمنوا أن يكون معاشهم خمسين ألفا، والخمسين ألفا تمنوا المئة ، وأصحاب المئة تمنوا المئتين، إذا الزبدة أن المرء مهما زاد معاشه لن يشعر بالرضا والسعادة بل سيتمنى لو كان معاشه أكثر من ذلك! فهل فعلا الوظائف المثالية تحقق السعادة؟

نأتي للمال، في دراسة كبيرة أقميت على مستوى عدة دول لمقارنة العلاقة بين مستوى دخل الفرد والرضا عن الحياة، وجدوا أن العلاقة بينهم ضعيفة جدا، وفي نفس الدراسة لاحظوا أن الدول الفقيرة جدا المفتقرة لأساسيات الحياة، زيادة مستوى دخل الفرد أدت بالفعل إلى زيادة مستوى الرضا، ولكن في الدول الغنية حيث يجد الفرد حاجاته الأساسية متوفرة من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وصحة، فإن زيادة دخل الفرد لم يؤدي إلى تحسنملحوظفي مستوى الرضا، إذا المال للأغلبية لا يجلب السعادة الحقيقية.

ماذا عن امتلاك سيارة معينة أو طقم مجوهرات أو ملابس أو أو أو .. هل السعي وراءها وتحقيقها تجلب السعادة الحقيقة؟ في دراسة على طلاب تمت متابعتهم بعد عشرين سنة وجدوا في أن من كرسوا حياتهم لامتلاك أشياء معينة كانوا أكثر تعاسة من غيرهم!

حسنا.. والحب والزواج؟ بعد متابعة مجموعة من الطلبة على مدى سنين، انتهى بهم المطاف بعد سنوات أن يتزوجوا، وجدوا أنهم كانوا فعلا أسعد ممن لم يتزوجوا (واااااو) لكن مهلا، لم تدم هذه السعادة طويلا، فبعد سنتين من الزواج تساوى مستوى سعادتهم بمن لم يتزوجوا، هذا في حالة كان الزواج مستقراً، وإن كان زواجا غير ناجح فبالطبع كانوا أكثر تعاسة ممن لم يتزوجوا.

ينطبق ما قيل في الأعلى على دراسات في من قاموا بعمل رجيم قاسٍ أو عمليات تجميل لتغيير شكل أجسادهم، ظنا منهم أن الحصول على الجسم المثالي سيجعلهم سعيدين، ولكن للأسف، لم تحقق لهم تلك الأشياء السعادة المرجوة. وكذلك الطلبة واستماتة البعض للحصول على درجة معينة ثم جاءت النتيجة أعلى من المتوقع أم أقل، جميعهم بعد فترة لم تعد تؤثر هذه الدرجات على مستوى سعادتهم أو تعاستهم

أخيرا تلاحظون أن معظم الأشياء التي نستميت للحصول عليها، هي على الأغلب لن تحقق لنا السعادة التي نتوقعها أو إن تحققت فهي لن تدوم طويلا، لماذا يا ترى؟ هل هي الجينات أم ظروف الحياة؟
بعد دراسات مطولة على توائم متطابقين وغير توائم وأناس مروا بأحداث مريعة كالشلل والمرض وغيره أو من مروا بأحداث مفرحة جدا كالفوز باليانصيب، وجدوا أن الجينات تشكل خمسين بالمئة من سبب سعاد المرء،يالحظهم!“ ، وعشرة بالمئة هو تأثير الأحداث التي تمر بها في حياتك على سعادتك، الجزء الأخير والذي يشكل أربعين بالمئة يتمثل في طريقة تفكيرك، وتصرفاتك وعاداتك. إذا هناك ستون بالمئة تتحكم هي بنسبة سعادتك دون أن تستطيع أنت تفعل أي شيء حيالها، وهناك أربعون بالمئة هي ما تستطيع العمل عليه لتحقيق السعادة التي تتمناها، وهي نسبة ليست بسيطة ولله، وما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ.



اكتفي بهذا القدر لهذا الجزء، هناك الكثير لنعرفه أكثر عن السعادة في الحلقات القادمة إن شاء الله.
دمتم سعيدين.

2 comments:

  1. دخلت معاج الجو ^^
    جزيت خيرا على النقل
    متابعين

    ReplyDelete
  2. شكرًا جزيلا ، اتمنى اني ما اتأخر عليكم وايد

    ReplyDelete